بين توقعات الإبقاء على أسعار الفائدة أو تحريكها، حسم البنك المركزي قراره يوم الخميس ٢٨ أغسطس ٢٠٢٥ بخفضٍ جديد في أسعار الفائدة بواقع 2%، في خطوةٍ تحرك المياه الراكدة في مجال الاستثمار، وتفتح الباب واسعًا أمام تساؤلاتٍ حول من سيستفيد من القرار ومن سيتحمل تداعياته، ويأتي هذا التحرك في إطار توجهات السياسة النقدية الرامية إلى إنعاش النشاط الاقتصادي دون الإضرار باستقرار الأسعار.
تعالوا نستعرض في هذا المقال تأثير هذا التحريك على الاستثمارات في مصر:
خفض بمقدار 2%
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي خفض أسعار العائد لليلة واحدة على الإيداع والإقراض إلى 22.00% و23.00% على التوالي، في حين تم تخفيض سعر العملية الرئيسية إلى 22.50%.
كما تم تقليص سعر الائتمان والخصم بنفس النسبة ليبلغ 22.50%، ويمثل القرار تحركًا محسوبًا في ظل اتجاه البنك للتيسير النقدي، بعد سلسلة من الزيادات التي هدفت إلى كبح التضخم.
السؤال الآن كيف ينعكس هذا الخفض على الاستثمارات في مصر:
البورصة المصرية
حقق مؤشر EGX30 للبورصة المصرية نموا كبيرا بمقدار ١٨٪ منذ بداية عام ٢٠٢٥، مع تحسن وضع الاقتصاد بصفة عامة.
وكما هو معروف فإن العلاقة عكسية بين أسعار الفائدة وأسواق المال، لإن انخفاض الفائدة معناه:
فرصة أكبر للشركات للاقتراض وتنمية الأرباح، مما يعني زيادة في القيمة السوقية
إقبال على أسواق المال، التي تصبح فرصة بديلة جاذبة مع انخفاض العائد من الودائع.
من المتوقع أن تستمر هذه الموجة الصعودية مع بدء مشاهدة تأثير خفض الفائدة على مبيعات الشركات المدرجة في البورصة.

العقارات هل سترتفع الأسعار؟
المنطق الاقتصادي يقول: فائدة أقل = قروض أرخص = أسعار أعلى. لكن في مصر، الوضع مختلف.
حيث الطلب الحقيقي مكبوح بسبب ضعف الدخول.
المتوقع: نشاط نسبي في الوحدات الجاهزة والقابلة للتسليم عبر خصومات وعروض تقسيط، لكن الأسعار المُعلنة ستبقى ثابتة أو تتراجع جزئيًا عند بعض المطورين لتسييل الاستثمارات.
لا موجة ارتفاع واسعة للأسعار، بل حركة انتقائية.
عودة الذهب كخيار استثماري
أسعار الذهب عالميا في ارتفاع مستمر بسبب التوترات السياسية، والحروب التجارية التي يقودها ترامب ضد أعداء أمريكا وحلفائها على حد سواء. لدرجة أن حقق سعر أونصة الذهب نموا بمقدار ٣٨٪ خلال عام واحد من أغسطس الماضي، بسبب الإقبال غير المسبوق من البنوك المركزية العالمية.
المشكلة أن الإقبال على الذهب من المستثمرين الأفراد عادة يقل عند وجوة عوائد مرتفعة في البنوك لأن الناس تنظر إلى الدخل الشهري المتولد من الودائع بينما الذهب لا يحقق هذا الهدف.
مع بدء موجة خفض الفائدة سيبدأ الذهب للعودة على الساحة مرة أخرى كخيار استثماري جيد في مصر، ولا سيما أن كثير من بنوك العالم يتوقع وصول سعر الأونصة العالمية إلى ٤٠٠٠ دولار قريبا.

الحكومة أكبر المستفيدين
الحكومة هي الرابح الأكبر من الخفض، إذ تتراجع تكلفة خدمة الدين بالجنيه. إذ يسهم انخفاض العائد بنسبة 1% في تقليص عجز الموازنة بما يتراوح بين 75 و80 مليار جنيه، حسب بيانات البنك المركزي، وبالنظر إلى إجمالي التخفيضات منذ بداية العام والتي بلغت 5.25%، من المتوقع أن توفر الدولة ما يقرب من 420 مليار جنيه نتيجة الفارق بين الإيرادات والمصروفات، مما يدعم قدرتها على تمويل المشروعات والخدمات الأساسية.
لكن بالمقابل، عوائد أذون وسندات الخزانة ستنخفض تدريجيًا. مما سيقلل الطلب على الأموال الساخنة في مصر، الأمر الذي قد يضر بسعر الصرف إذا لم تتم إدارته بصورة مناسبة من الحكومة.
أنا كمستثمر، ماذا أفعل؟
كما أوضحنا في مقالات ودورات سابقة، أفضل محفظة هي المحفظة المتوازنة بين مجموعة أصول مختلفة، بحيث تحقق الاستقرار الدائم للثروة والنمو المستدام لقيمة المحفظة وتدفقاتها النقدية.
لذلك كمستثمر في السوق المصري إليك ما عليك فعله:
تأكد أن محفظتك الاستثمارية موزعة بين ودائع بنكية، أسهم شركات كبيرة مدرجة في البورصة، ذهب، وعقار إن أمكن.
افهم أن الاستثمار هو أسلوب حياة، ورحلة لمستقبل أحسن من الحاضر، لذلك حاول دوما استغلال فترات هبوط الأسواق لشراء كميات أكبر من الأصول.
ركز في البورصة المصرية على الشركات الكبيرة التي لديها تاريخ مستمر في توزيعات الأرباح، وحاول تبني مراكز جيدة فيها بغض النظر عن تقلبات السوق.
ولا تنس الاشتراك في نشره رفاه البريدية إن لم تكن اشتركت بعد، وشارك هذا المقال المجاني مع أصحابك حتى تعم الفائدة.